Monday, September 12, 2011

أرتبك

البنت التي تكرهني تملأ عينيها بالغيرة وقلبها بالحقد وتحاول انتهاكي، في حين أن الولد الذي يحبني يملأ عينيه بالشوق وقلبه بالحب ويحاول احتضاني. وأنا أرتبك. أرتبك من ذروة المشاعر في الاتجاهين. ولا أعرف ما الذي يمكنني فعله في قلبي الذي يبهرني طوال الوقت بصلادته في الحالتين.


تقول صديقة أنّني لا أهتم بالبشر أصلا، وتسجّل أخرى إعجابها بقدرتي على فعل ما أريد بدون الاهتمام بما يقوله الآخرون، في حين يخبرني ولد لا أعرفه ويحاول أن يعرفني أنني مستفزة، ويشتكي آخر من صمتي وعدم تجاوبي معه في حديثه الذي لا يعنيني. تشتكي صديقة من أصدقائها الذين يقولون لها أنّها تغيرت بشأنهم، في نفس الوقت الذي يخبرني فيه صديق قديم أنّه لا يرى سميّة التي يعرفها وأنني أدعي كل ما أفعله. وأدرك صعوبة موقفي فعلا إذ أكتشف أنني لا أهتم أصلا .. ومن جديد، كل الذي أستطيع فعله هو أن أرتبك. جميل أن يكون لكل شخص يعرفني تصوّر ما، في حين أنني لست أيا من هذه التصورات. أنا، في الحقيقة، لا أعرف، وأنا، للأسف، لم أعد حتّى أهتم بالمعرفة.


بائع الحلي يبيعني الخاتم بأقل من سعره لأن عينيّ جميلتان، في حين يخبرني صديق أن جمالي خارج المألوف. وأنا؟ أرتبك طبعا. أنظر لصورتي الداخلية عن شكلي، وأقارنها بالصورة التي تصلني من الآخرين، وأرتبك. بافتراض أنني جميلة، كما يدعون، ما قيمة هذا فعلا إن كنت لا أراه، ويسبب لي مشاكل في نفس الوقت؟ إذا كانت ملامحي بارعة الجمال ولكنّي أراها لا تنتمي إلي، ماذا أفعل بانبهار الرجال بها؟


الأديب الذي أكرهه، يموت فجأة، فأشعر بذنب خفيّ. أمّي التي تلومني على التأخير والماكياج وتبكي من لا مبالاتي، أختي التي أشعر كلما احتضنتني بالذنب لأنني لن أستطيع الحفاظ على هذه العلاقة. الثورة تسير في اتجاه مرعب، وأنا لا أهتم بمصر كبلد بقدر ما سأشعر بالحسرة على كل ما كان يمكن أن يحدث ولم يحدث. وأفتح صفحة بيضاء وأحاول كتابة قصّة جديدة، وأجد  أنني لا أستطيع التركيز في شكل الحروف. وأقرأ صفحة واحدة في الكتاب وأقف عند "كنت أعرف أنني تركت غيط العنب وشارع راغب من زمن بعيد وأنني مع ذلك ما زلت هناك"*، وأداري سحابة كآبة موسمية حلّت فوق رأسي حتّى لا يراها صديقي الذي كنت في انتظاره. أرتبك أرتبك أرتبك.


الحياة بها ناس طيبون .. وناس صحبتهم دافئة .. وناس محفزون على الحياة .. وناس قادرون على التقبّل والتفهم .. وناس وناس وناس ..
لكنّي اكتشفت أن الحياة خارج حدود غرفتي، وخارج رأسي المكتظ عن آخره بتصورات سيئة عن العالم وعن الوجود الإنساني - مُرهقة جدّا. الكثير من التشوّش، الكثير من التخبّط، والكثير من الانعزال عمّا يحدث داخلي.


الحياة في الخارج مبهجة أحيانا، لكنّها في الداخل هادئة ومفهومة .. وفي الحالتين: مُربكة.
----------- 
* ترابها زعفران - ادوار الخراط

1 comment:

  1. كُلٌ يرى فيك مايتمنى أن يكونه أو لا يكونه، ما يحبّه فيه أو ما يكرهه، كل يرى نفسه بصور أخرى في ذاتك، مش بيشوفك انتي يا سمية.

    ممكن تعيشي معاكي، بس ماتقعديش اللي برة على كنبة جواكي يخبط فيكي حتى وهو مش موجود.

    وبالمرة بقى: عينيكي جميلة ^_^

    ReplyDelete