Wednesday, August 14, 2013

رسائل ليست موجّهة تمامًا.

ياصديقتي التي تخشى على قلبها من التدخين، وعلى عقلها من المسكرات، وعلى جسدها من السهر؛ ماذا سنفعلُ إذن بالحياة؟ الحياة لا تمنحنا رفاهيّة عيشها بمثاليّة. الحياةُ أخبرتني في يوم ودّعتُ فيه القدرة على الأمل- أن لا حقيقة سوى الوجود. والوجود ثقيل. لكنّه يخف أحيانا بالتمرّد عليه.
 
ياصديقي الذي لا يفهم ذوقي في الموسيقى، ويخشى على منطقه من هزّات المشاعر- أين وجدتَ المنطق؟ لا منطق يدفعنا سوى أننا وُجِدِنا. ولا دافع للمحاولة سوى النزق، واختبار الأشياء في مبالغتها. ياصديقي، أنا ضيّعتُ المنطقُ منّي طواعية؛ لأفسح مجالا للضَحِك.
 
ياصديقي الذي لا يفهم ما أكتبه، ويقول أن نصوصي مفككة الأفكار- كيف لا ترى اتسّاقها معي؟ ما الكتابة إلا نقرات أصابع متوترٍ يبعد بها ارتباكه عن وجهه. ياصديقي، أنا حاولتُ مرارًا ايجاد رتمٍ لنقرات أصابعي، ولكنّها استعصت على الانتظام. نحنُ عالقون، فإلى من المُشتكَى؟
 
لا أحبُّ الكتابة. البشرُ يبحثون عن أنفسهم في نصوصي، وأنا لم أجد نفسي لأدلّهم على إجابة. والبشرُ يُحاولون تفسيري عبر قراءتي، وأنا لا أضع تفسيرات، ولا أقبلها. والبشرُ يتوددون إليّ بالنُصح، وأنا لا أعرف معنى النصيحة. أنا لا أحبُّ البشر. أنا أحب الكتابة. تبقيني. تُخرج رُكاما تكوّن على كل النوافذ وحجب كلّ الرؤى. تُطلعني على أجزاءٍ أحبّها في البشر. أنا أحبُّ البشر. فقط، لو يدعونني معهم، ولكن لا يلتفتُ إليّ أحد. سأرقبُ وأصمتُ عمّا فهمتُ. ولن أخبرَ أحدًا سوى حروفي الحقيقة. الهوامش سهلة المعشر، لا تعرف الأسئلة المباشرة، تُشيرُ إلى فكرة، ويقرأها المهتّم وحده.

أنا أحبُّ الهوامش. وأريدُ أن أبقى.

Thursday, July 18, 2013

تمرينٌ على الكآبة

رأسي كان قد بدأ في الارتعاش. الإضاءة خافتة، ولا أحد في داخلي؛ وحدي كالعادة مؤتنسة بي على سبيل الأعراض الجانبية لمرض الصمت الطويل والبكاء بلا سبب. كانت الثانية التي تفصل بين أغنيتين في قائمة أغاني لم أخترها. هدأ الضجيج؛ فسكت العالم من حولي وتنفّست الروح. هذه الثانية عبرتْ فيها نفسي هذا الواقع إلى واقع لا أعرفه. كنتُ هناك هادئة لا ضوءَ حولي ومسلّطٌ عليّ، لا أحد معي سواي، ولا مكانٍ يتسّعُ إلا لي. آهو العدَم؟ آهي الرغبة في تحققها؟ آهيَ الإجابة؟ كان هذا جميلا. كان هذا مؤذيًا. من جاء بي إلى هنا؟ من ذهب بي هناك؟ ماذا  سأفعل؟

 صديقي -الذي كنتُ أتمنى أن ألقاه في مكان آخر وزمان آخر لنفعل نفس الأشياء بطريقة مختلفة- رآني في حلمٍ أقطع جلستي معهم لأقول "لقد مللت"، ثم أطير حيث النجوم أكوّنُ منها أشكال؛ صديقي -الذي أقرأه ويقرأني ونصمتُ عمّا نعرف لنثرثر عن الجمال- قال إنني كنتُ أُشبه إحدى الجنيات المسحورة التّي بغبارها وحده يتعلّم الإنسان التحليق بذراعيه. صديقي لا يعرفُ ولعي بعوالم الكارتون الخيالية؛ وبالجنيات. صديقي -ربمّا- لا يعرف أن آفتي أنني عرفتُ عن كل شيء أكثر مما ينبغي. صديقي ربمّا يعرف عن حُزن لا أملك له سبيلا، ولكنه لا يعرف أن الهدايا الصغيرة ولمعة العين يبكياني -والله- فتنفتح لهذا الحزن -الحزن!- كوّة صغيرة؛ فأتنفّس. صديقي لا يعرف أنّي أعرف.

لماذا تُفضي كلُ الأبواب إلى هاوية أو سدّ؟  لماذا لم أتعلم الطيران؟ 
أين ضيّعنا الفَرَح؟