Sunday, March 25, 2012

تساؤل عن الهشاشة

أيهما أسبق في الحدوث؛ الهشاشة أم الأحداث الملازمة لها؟ بمعنى: هل تصيب نفسي الهشاشة أولا فتبدأ في التساؤل من جديد حول كنه الأشياء بدرامية، وتعي مشاكلها، أم تنبع المشاكل فتودي بي لطريق الهشاشة؟

لا أجد أبدا النقطة التي تبدأ عندها الحالة، أدركها عندما تتشكّل. ولكنّ الادراك دائما نقطة محددة، تبزغ فجأة، عادة في عبوري لطريق، أو في لحظة قيامي من على كرسيّ القهوة أو في صعودي للسلّم. أقف لحظة وأقول: هذه هي الهشاشة. تسبق اللحظة معطيات، منفردة، تضعها لحظة الادراك في مدار مرئي. الموسيقى تصبح قاسية جدّا، الحياة بعيدة، والبشر غير محسوسين. ثم تبدأ مشاكل من نوعية: أمّي، النقود، الدراسة، الأصدقاء، المجتمع- في الطفو على السطح. ربما هي هناك طول الوقت تنتظر باعثًا، رُبما تكون قد بدأت في الطفو فخلخلت الكيان المتماسك نظريّا قبل أن تظهر؛ لا أعرف حقّا. لكنّي أعرف أنني أكتبُ كثيرا، وأنني أقرأ كثيرا. وأن كلامي يصير مختزلا، وثقتي بنفسي تتهاوى، ومأساوية الوجود تتعمّق. ودائما وأبدًا يعود السؤال القاسي: لم عليّ دائما أن ألعب لعبة لم أختر قواعدها؟ وماذا أختار إذا كانت كل الخيارات المتاحة غير صحيحة؟

Saturday, March 24, 2012

التشبث بالغرائبية

لأن الأيام الغرائبية تستحق، تشبثتُ بشدّة بايقاعها عندما اكتشفته. تبّاع ميكروباص الصباح كان نجاح الموجي، وسائق العودة كان محمود حميدة في عفاريت الأسفلت. قاومتُ بشدّة أن أطلب من الأوّل أن يغنّي "سلّم لنا بقى ع التروماي"، ومن الثاني أن يقشّر برتقالة. وولكنّي لم أقاوم أن أبادلهما التحديق. على القهوة، وفيما كنتُ أدخن سيجارتي، نظرتُ للرجل الذي طلب منّي سيجارة نظرة متفحصّة طويلة ثم قلتُ ببرود شديد :"توء"، ونهرتُ بائع المناديل بعنف لأنّه ألّح، لكنّي كنتُ سعيدة وخفيفة خفّة محتملة. أنهيتُ أكثر من ثلثي الكتاب في ساعتين، ودخلتُ حالة الكتابة التي افتقدتها بشدّة. الطريق الدائريّ في النهار، مبهج للغاية، ولا يوحي بوحشته عندما يحلّ الليل. ورود ستيوارت يغنّي في أذني عن الطريقة التي تمسك بها حبيبته السكّين، فأحببتُ السكّين جدّا. ما زال العود الذي اشتراه صديق بالأمس، ولعبت به يثيرني وأفكّر فيه كثيرا. وأصبحتُ أجد آلام بطني والصداع والدوار أشياء لطيفة. فيما تتخذ نظرتي للأفكار والبشر منحًى غريبا، ثمة قرارات بشكل حياة مختلف تتشكّل بعيدا في طبقات مخي؛ بعيدا بما يكفي لأشعر بها ولا أدركها. السحاب قطع قطن كبيرة، ضغطها ضاغطٌ بلوح زجاج على خلفية ورقة زرقاء؛ متشكلّة وغير ملموسة. والغرائبية تجعلني أرى الحياة كلّها من وراء نفس اللوح على خلفية ضوء الشمس؛ مرئية وغير مُعاشة. لكنّها في كل الأحوال جميلة. الغرائبية تناسبني: لستُ واقعية بما يكفي، لستُ رومانسية بما يكفي، ولستُ جاهلة/عالمة بما يكفي. لذا، وبشكل مبدئي، سأبحث عنها دومًا. ويكفي هذا القرار الآن.

Friday, March 23, 2012

مُسكن وقتي يصلح لليلة واحدة

في قاع شنطتي تستقر الأجندة الصغيرة حيث ركزّت طوال طريق عودتي لأكتب ما يجب عليّ فعله حين أصل للبيت. بجانب السرير، تستقر الثلاث كتب التّي يملأني شغف حقيقي لقرائتها. على يمين شاشة الكمبيوتر تستقر كتب الدراسة والكثير من الأوراق المكتوبة بالإسبانية وأرغب فعلا في مذاكرتها. وعلى اليسار توجد المقالاتان التّي أتمنى ترجمتهما منذ أسبوع. في الغرفة المجاورة تجلس أمّي التّي أتمنى أن أذهب إليها وأقول كلاما لا أصدقه عن أسفي عمّا قلته ونيتّي في أن أفعل ما تريده. وفي مكان ما في وسط البلد، يوجد الولد الذي أريد مكالمته لأؤكد له افتقادي. وفي رأسي تتصارع كل أفكاري السخيفة والكئيبة عن فشلي عن انجاز شيء حقيقي وعن تيهي في الحياة بين الأفكار والتناقضات، مع سعادتي الصادقة بالولد الذي أحببته وكانت الحياة كريمة معي بما يكفي لتجعله يحبني أيضًا. 
أريد أن أفعل كل الأشياء، ولا أريد أن أفعلها. والنوم دائما أكثر اغراءً وسطوة من الرغبة في الانجاز.
وأعرف أنني رغم كل تأكيداتي وتعنيفي لنفسي بسبب التكاسل والأداء المنخفض، سأعتبر كتابتي لتدوينة جديدة بعد أقل من أسبوعين -بعيدًا عن مدى سوئهما- انجازًا في ذاته، وسأكتفي بالمكالمة ثم أنام. وأنا أعد من نفسي من جديد، أن من الغد سأصبح شخصًا آخر، أكثر قدرة على التواصل الاجتماعي، أكثر قدرة على الإنجاز، وأكثر قدرة على ترتيب أفكاره وحياته كلّها.

Tuesday, March 13, 2012

الانتظار طويلا

أحذيتي المتسخّة والمقطوعة دائما ..
شنطتي الثقيلة ..
أم كلثوم تغنّي في أذني للأبد ..
كتبي تتجدد ذاتيًا ..
القهوة غير المستساغة وتطفل البشر ..
حديث لا ينتهي عن رداءة نظريات تفسير الوجود ..
ومولعون بعقولهم الفارغة ..
وثقة بالنفس متأرجحة بين القمة والقاع ..
والشكاؤون في كل مكان ..
خيارات القتل ترجح مع انحسار المساحة المحيطة  ..
والوقت يضيق .. الوقت يضيق ..