Friday, June 1, 2012

عن شادية وأم كلثوم وآخرين

سعاد حسني ستكون صديقتي التي ألقاها وسط تجمعات كبيرة من الأصدقاء، وتضحك حتّى نكاد من فرط البهجة نطير. وسألقاها وحدها على فترات بعيدة، صدفة غالبا، لنشكو قسوة العالم. صباح ستكون الشخصية التي أعرفها من بعيد، نسلّم سلاما متحفظا إذا وضعتنا الظروف معًا. سأسمع أغانيها بتحفظ مماثل، وسيشعرني وجودها دائما بعدم أريحية. سأحب أغان كثيرة لها، ولكن لن أجاهر بهذا الحب أبدا كما سأفعل مع أغاني سعاد حسني، التي سأستخدمها معظم الوقت لأقول أنني لا أغير منها، وأنني شخص سعيد ورائع، وأن الحياة مكان جميل. سأكره عبد الحليم حافظ حتّى الموت، وسأتجنب الحديث عنه معظم الوقت، وسأتجنب الأماكن التي يذهب إليها. ولن أسمع أغانيه إلا مضطرّة، وسأنكر بشدّة أن تكون إحداها تعجبني، حتّى لو حدث. سأتحدث عن عبد الوهاب بإكبار، وسألتزم الأدب والصمت في حضوره. سأقبل يد القصبجي كلما رأيته، وسأحاول أن أتقرب منه. سأزوره في بيته كثيرا، وسآخذ له الشوكولاتة وزجاجات الآي دي بطعم البطيخ وسيديهات لأغاني لينا شماميان، فيروز كراوية، وأوكا وأورتيجا.  قد أحب محمد فوزي، ولكنّي سأتجاوز حبّه سريعا، وسنظل أصدقاء أوفياء. وسنلتقي بانتظام ولكن على فترات متباعدة. سأحضر جميع حفلات محمد عبد المطلب، وسأجلس في الصف الأوّل أراقب تعبيرات وجهه. أما سيّد مكاوي، فسأكون عضو دائم في شلة هو مركزها، تجتمع يوميا. سأغني معهم وأشرب وأضحك، ولكنّي إذا اكتئبت، سأتغيّب، ولن أرد على مكالماته. ليلى مراد ستكون صديقة محببة، لا أكره وجودها، ولكنّي لا أبحث عنه. وجودها سيسعدني، وسأحب تسريحة شعرها، وضحكتها. وسأطلب منها في كل مرّة أن تغني لي شيئا. وسأغني معها، وهي لأنّها ستحب غنائي، سترحب بمشاركتي، وستترك لي كوبليهات كاملة أغنيها وحدي. أما صديقتي المقربة ستكون شادية. سيقول الناس عننا دائما أننا متطابقتان. شادية ستكون رفيقتي الدائمة في كل المغامرات المتخلفة التي سنقوم بها. مثلا، سنذهب سرّا إلى فرح شعبي في أدغال امبابة على أننا راقصتان. مثلا، سنكون أنا وهي فقط الذين نعرف بأمر البار الحقير، الذي سنشرب فيه حتّى تمام السُكر، وسنبحث عن أي رجل يقلنا إلى البيت، في محاولة لتمثيل قصّة فيلم رخيص على أرض الواقع، ثم سنموت من الضحك حين نتذكر في الصباح. سنعيش سويّا، وسنضحك على كل شيء، ولكننا سنعرف جيدّا ما هو الحزن. سيكون حزنُنا موتًا، وفرحُنا جنونًا. سنقرر أن نتعرف على ولد وسيم أثناء السفر، وأن ندبّر مقلبًا محترمًا ضد فايزة أحمد لأنّها "واخداها جد زيادة عن اللزوم". ووحدها شادية ستعرف بشغفي بأم كلثوم. سيظن الجميع أن أم كلثوم عدوتي اللدود. وستكون فعلا. على الرغم من أنني سأعشق كل حرف تغنيه. وسأذهب إلى حفلاتها سرّا أنا وشادية متنكرتين، وسنجلس بعيدا عن دائرة نظرها. سأسمعها دون أن أنظر إلى وجهها. وسأكتفي بمراقبة القصبجي الجالس وراء أم كلثوم يعزف ألحان غيره. سأسب أم كلثوم في سرّي وفي علني. وسأعترف لشادية فقط أن أغانيها حلوة لدرجة غير محتملة. وسآتيها برواية كونديرا، ثم بعد أن تنهيها سأخبرها أن أم كلثوم ثقيلة ثقل غير محتمل، وأن القصبجي خفيف خفّة مؤلمة. ثم سننتبه أننا "قلبناها نكد"، فندير "أنا شارب تلاتة ستلا" وسنرقص حتّى نسقط  من التعب، نرتاح قليلا، ثم ننزل لنشيّش شيشة ليمون على نعناع في قهوة البورصة، في ركن مظلم بعيد، ونحن صامتتان تماما.

1 comment:

  1. ♥ ♥ ♥ ♥ ♥ ♥ أي لايك إت سوو ماطش يا أبلة

    ReplyDelete