Monday, June 18, 2012

الحب والقسوة، أم كلثوم والقصبجي مثالا.

في النهاية ياصديقي، لن نستطيع لوم أم كلثوم لأنّها كانت قويّة. ولن نستطيع لوم القصبجي لأنّه أحبها. نحن في النهاية مجرّد قارئين لتاريخ حدث، ما قيمتنا الفعليّة من الحدث؟ وماذا تفيد أحكامنا الأخلاقية على الأموات؟ لقد اختار كلُّ منهم، بوعي أو بدون، الطريقة التي يُريد أن يعيش بها. وعاش بها ثم مات. أم كلثوم اختارت أن تكون الأقوى، اختارت أن يكون لقلبها قوّة صوتها. والقصبجي اختار أن يكون رقيقا، اختار أن يكون لقلبه رهافة ألحانه. ونحن؟ نحن اخترنا أن نسمعهم. واخترنا أن نحكي الحكاية لكل من نعرفهم كلما جاءت السيرة. اخترنا أن نلوم أم كلثوم، لأن أحدًا لن يستطيع أن يتحمل لوم القصبجي. أنا اخترتُ أن تكون ام كلثوم عدوتي التي أعشقها. اخترتُ أن تقتلني أغانيها وتحييني في كل مرّة. واخترتُ أن أحب القصبجي حبًا غير مشروط. واخترتُ أن تكون "ما دام تحب بتنكر ليه" أغنيتي المفضلة على الإطلاق. وكلها اختيارات عبثية كما ترى؛ لن تغير مما حدث أي شيء. فلا لومنا لأم كلثوم سيرقق قلبها على هذا المرهف، ولا لومنا للقصبجي سيثنيه عن رفض هذا الذل. لقد أحب القصبجي أم كلثوم، وكان لأم كلثوم من القوة والجبروت ما يجعلها ترفض هذا الحُب الخالص. وكان لها من القدرة على التجاهل أن تعتبر كل هذا لم يكن. عاقبته على إخلاله بحبه الذي رفضته، فقبل هو بالعقاب. مالنا نحن وكل هذا؟ لماذا لا أستطيع التركيز في الأغنية الجميلة وانتهى؟ ولماذا أشعر بكل هذا الأسى ناحية القصبجي، وكل هذه الكراهية ناحية أم كلثوم؟

No comments:

Post a Comment