Saturday, October 22, 2011

هو انت تقدر .. تقدر تسلاني؟

قضيتُ اليوم نائمة تماما. أصحو قليلا، أتذكّر أحلامي ثم أعاود النوم. تداخلت الأحلام بما حدث فعلا بما كنت أفكّر فيه. واختلط الأمر عليّ تماما. لا أعرف الحقيقي من الوهمي.

ولكنّي أتذكّر حلما واحدا واضحا: كنت أنظر في ناحية بعيدة عنك، ولكنّي كنتُ أعرف أنّك تمسك يدي. كنت سعيدة ومرتبكة. وكنت أحرك يدي طوال الوقت لأستشعر ملمس يديك، وكانت سعادة فوق الوصف تنتابني عندما تحرك يدك وتضغط على يدي. تحركتَ فجأة وابتعدتَ، ولكنّي كنت ما زلت أشعر بيديك، نظرتُ إلى يدي فوجدت أنني أمسك إحدى يديّ باليد الأخرى، وأنني كنت أقنع نفسي أنّك تمسك بها. ملأني الخزي، شعرت بمهانة لا حد لها. بكيتُ في الحلم بشدّة، وأنت تبتعد. واستيقظت من النوم أبكي. كانت أم كلثوم تتسائل للمرّة الألف منذ أمس: "هو انت تقدر .. تقدر تسلاني؟"

قال لي أحد أنّك تحب واحدة أخرى. ولا أدري حتّى هذه اللحظة إن كان هذا حلما أم واقعا أو توقعا. ولكنّي أحتفظ داخلي بحسد ونقمة ينهشان داخلي الممزق أيا كان. وكرهتُ هذه البنت للأبد. حتّى لو كان الأمر مجرّد حلم ووهم في رأسي، سأظل أكرهها. يكفيني تآكلي النفسي ليجعلني أكرهها تماما.

فتحتُ صفحتك ألف مرّة، أبحث عنّي. ولم أجدني. عدتُ للوراء، أبحث عنّي عندما كنتُ موجودة، فبكيتُ. وغنيت مع أم كلثوم :"كنت أشتكيلك .. تواسيني". قرأتُ نصا كتبته عنّك آلافا من المرّات. استعدتُ تعبيرات وجهك وملمس يدك آلافا أخرى من المرّات. وبكيتُ بكيتُ. سألتُ نفسي: "لم فعلتُ هذا؟" ولم أجد إجابة. كرهتُك، وكرهتُ نفسي. ثم بكيتُ مرّة أخرى وفتحت صفحتك أبحث عنّي، لعلّك تكون كتبت شيئا جديدا في الخمس دقائق الذين كرهتك فيهم. لم أجد. فبكيت وأعدت المقطع مرّة أخرى :"هو انت تقدر .. تقدر تسلاني؟"

لا أكتبُ لأكفّر عن ذنب. لا أكتب لأُعلمك. أكتب لأنني لا أستطيع تحمّل كل هذا وحدي لهذه الدرجة. أكتب لأن الكتابة هي الشريك الوحيد، هي التي تستوعب كم انفعالاتي ونزقي. أكتب لأنني خائفة ووحيدة وضعيفة وهشّة. أخشى أن يعجز جسدي وروحي عن تحمل كل هذا، فينوءا بالحمل ويسقطا. أنا أخشى الموت. أخشى أن أموت وحدي، أخشى أنني عندما أكون على وشك الرحيل، لن أجد بجانبي سوى بشر يحبونّي، ولن أجد أحدا أحبه. سأموت وحيدة وغريبة. لا، لن أموت الآن. سأكتبُ.

أحملُ الكثير. همومي ستقتلني. وتعبتُ من العالم. تعبتُ من العالم جدّا. تعبتُ من فكرة "الوجود" ذاتها بشدّة. هذه انتكاسة. يبدو أنني أعود لمرحلة تركتُها من فترة. أو ظننتُ أنني تركتُها. نكوص. سأعود للهذيان، سأعود إلى الأحلام المرتبكة، للبكاء، وللأسئلة الوجودية، للخوف، ولكراهية قواعد اللعبة المفروضة.

واكتشفتُ في أحد استيقاظاتي أن البارانويا، الدموع القريبة، الحفرة التي أشعر بها تنمو في الداخل، عدم التفاعل، والرغبة في الانزواء- هذه كلّها ليست سوى أعراض لمرض غامض.

يمكن اجمال الأعراض في كلمة واحدة: الهشاشة. هشاشة نفسية تعذبني. استندتُ على قشرة جليدية هشّة لبحيرة، وتخيّلتُ أنّها قادرة على حمايتي. وأفقتُ فوجدتُ أن القشرة لم تحتملني، فتفتت. انهارت القشرة الضعيفة وتركتني أسقُط. أنا الآن أستقبل الماء البارد الذي هو على وشك التجمّد. أشعر بالبرد والخوف والظلام. أنا وحدي.

هذه ليست أعراض انسحاب الحب، ليست أعراض قساوة العالم، ولا حتّى أعراض الضغط العصبي. هذه أعراض لمرض أجهل اسمه، وأعرف أعراضه جيدّا. وأعرف أنّ تدهور حالتي بدون علاج يأخذني من يدي إلى اكتئاب حاد تأخر ظهوره كثيرا.

أنا خائفة جدّا، ووحيدة جدّا. لا أطيق وجودي، وأخشى الموت. وهذا كلام مكرر جدّا، وهذه خطورته.

2 comments:

  1. لن أجد بجانبي سوى بشر يحبونّي، ولن أجد أحدا أحبه

    ReplyDelete