Friday, October 21, 2011

لحظة شفافة أخيرة

كنتَ شفافًا جدّا، وجميلا. أرى قلبك واضحًا. ينتفض من دقة وأخرى. أرى نبض الألم يسري من ركن لآخر. وأرى روحك تُلاحقك لتمسكه، تحاول منعه من تمزيقك بالكامل. كنتُ أفكّر أنني لو مددتُ يدي الآن، في هذه اللحظة تحديدا، سأوقف الألم. سأمسك قلبك جيدّا برفق حاني،  أمنع انتفاضاته. وربما أستطيع ايقاف النزيف. الكرسيّ الذي يتمايل إثر الموج، جعل الألم مضطربا، موجعا أكثر. وددتُ لو أتشبث بك، لو آخذ قلبك وأضعه في قلبي. لو أنقل لك طاقة حياة وحب، امتلكتُها في هذه اللحظة فقط. أردتُ أن أنفخ في العكار الذي ملأتُ به قلبَك، أزيحُه تدريجيا ليسقط عن حوافّ قلبك المستديرة الدافئة. وددتُ لو كنتُ أقرب، وودتُ لو كنتَ أقرب. لم يكفني التصاق روحي بروحك، لم يكفني تطفلي على قلبك وعلى عينيك، وددتُ لو ألتصق بك، لتسكرني رائحتُك كما تفعلَ دائما. أردتُ لو أستعين بألم قلبك لأزيل صلادة قلبي. لو أمكنني أن أنحّي القسوة بعيدا، أن أتخلى عن الغربة والوحدة. أن أحمل قلبك، بأوجاعه، داخلي. أضعه بجانب قلبي، ليأتنسا. لنتفرّغ نحنُ لحياتنا، دون أن نحمل عبء القلب على أكتافنا. لو ننحي قطيعتنا، للحظة واحدة أقبلّك فيها، أبتلعَ ريقك كما كنتُ أفعل، نمزّق الصمتَ الذي طال. للحظة واحدة. فقط لهذه اللحظة. لو أمكننا أن ننظر طويلا في أعين بعضنا، لو تدعني أنظر في عينك، لو يدعنا الموج. لو يدعنا. لو تدعني. لو ترحمني القسوة. لو تتركني الصلادة. لو أحتضنك. لو مارستُ الحب معك لمرّة واحدة أخيرة. لو أستسلم لايقاع الأغنية، وأرقص. لو تحتضنّي. لو مارستَ الحب معي لمرّة واحدة أخيرة. لو رقصتَ معي. لو نتلامس. لو نعود لصورتنا الأولى. لو يأخذنا سحر القديس. أو لو أدع قلبي لك. لتزيل عكارته. لو ندخن سيجارة واحدة أخيرة معا. منعني الموج، ومنعني الخوف. منعني الشكّ والضعف وقلّة حيلتي في قلبي. منعني عدم يقيني في قدرتي. منعني العكارُ داخلي، والعكار داخلك الذي أوقن بمسؤوليتي عنه. منعني البعد. ومنعتني الصلادة. اكتفيتُ بتربيتتي على كتفك، الجزء الأصلب فيك، اكتفيت برأسك على كتفيّ، الجزء الأصلب في، واكتفيتُ بلحظة الصمتِ التي طالت، فزودّت العكار والصلادة. اكتفيتُ باللحظة، وأخذتُ نُسخة من ألمك، ووضعتُها بجانب ألمي، ليأتنسا.

2 comments:

  1. لو تتركني الصلادة

    ReplyDelete
  2. اكتفيتُ باللحظة، وأخذتُ نُسخة من ألمك، ووضعتُها بجانب ألمي، ليأتنسا.

    الله!

    ReplyDelete