Sunday, May 20, 2012

الصدفة والدهشة والملل

لأنني كنتُ الوحيدة التي شاهدتْ الألعاب النارية؛ كانوا يعطون السماء ظهورهم- اعتبرتُ أن هذا امتيازا يمنحني الحق في اعتبارهم غرباء بما يكفي. ابتسامتي الواسعة لم تكن سوى انعكاس للدخان الذي لم أتوقف عن نفثه. لم يكن الأمر سوى اختبارًا جديدًا لألم أطارده ويراوغني. أدهشتني حقيقة ذهاب الألم، وأفزعني حلول الغربة محلّه. كان كل شيء موجودا، ولكنّي لا أعرفه. كل شيء كما هو، أنا الغريبة هنا. اعتبرتُ أن هذه الغربة تمنحني حق حضور الأفكار بدون استدعاء. فكرّتُ في أن الكآبة قد ذهبت، وأخذت معها الكتابة. تذكرتُ أن اسماعيل ياسين الذي دخل إلى كوميديا السينما ليجمع مالا يجمّل به فمه، تراجع عن التجميل إذ اكتشف أن هذا الفم يجلب له الأموال. قلت لنفسي: "هل من المسموح السماح للغايات أن تتغيّر؟". ناقشتُ نفسي في كل شيء، وأخبرتهم كذبا أنني أناقشهم. الألعاب النارية، كانت حمراء، أُطلقت مرّة واحدة فقط، وكنتُ وحدي من رآها. ولكنّهم جميعا رأوا المنديل الصغير يطير. مبهجًا، لكن وحيدًا. مستغربًا وغريبًا. اعترفتُ -لنفسي- بالافتتان باللغة، ووجدته مبررا طيبا لأنغمس كليّا في البحث حول اللعبة التي تقوم بها "ألفٌ" أُضيفت، عمدًا ودهاءً، بعد راء "غربة" لتصبح "غرابة". حول قدرة حرف المد الجبروتية على تحويل السكون لفتحٍ. وقلتُ أخيرا، إن التحوّل الذي تشهده ذاكرتي الآن مغرٍ بالحديث عنه. إذ لم أعد أنسى شيئا من تفاصيل ما حدث، ولكنّي أنسى إدراكه. واقعٌ أم حلمٌ، لا أدري؛ تيه كامل. كل الأحلام وقائع، وكل الوقائع أوهام. والكوابيس التي تغريني بالموت، تزداد قدرةً على الإقناع مع الوقت.

نفدت المعاني؛ لا جديد يقال.
الصمت أحفظ لماء الوجه
من غباء لا تفهميه ..
انتظري البعث، أو التحلل.
ودخنّي بشراهة المبتذلين ..
إما يقين الغباء الكامل
وإما غباءك في وجود النابهين ..
دخني بشراهة ..
واصمتي.

No comments:

Post a Comment