Wednesday, November 2, 2011

أجازة قصيرة

هناك شرطان يجب تحقيقهما لكي أستطيع أخذ أجازة بسيطة من نفسي وأفكاري وروحي ومشاكلي الوجودية. الأول: أن أنشغل طوال الوقت حتّى لا أفيق فجأة فأجد نفسي وحيدة ونُعيد نفس القصّة. الشرط الثاني: أن أتجنب المحفزات على السقوط داخلي مرّة أخرى. وأنا أبذل قصارى جهدي لأحقق الشرطين.

أُؤجل المقابلات العميقة والتي تتطلب جهدا نفسيا عميقا. أتوقف عن سماع "والله تستاهل يا قلبي" و"أنا هويته وانتهيت" و"ما دام تحب بتنكر ليه"، وأبدأ في سماع سيّد مكاوي وكارم محمود. وأعيش كالشخص الذي لا توجد لديه أي مشاكل، وكل مشكلته في الحياة أنّه يريد أن ينام قليلا فيما لديه محاضرة في الثامنة صباحا. لا ألتقي الناس الذين أعرف جيدا أن لقاءهم سيحيلني لنفسي من جديد. وإذا التقيت أصدقائي المقربين، أحرص أن يسير الكلام في منحنى عبثي تماما يبتعد كل البعد عن الجديّة الحرجة. أضحك كثيرا جدّا -بدون افتعال بالمناسبة- وأسخر من كل الأشياء، أؤدي واجب الكليّة في وقته، وأرقص على "من بحري وبنحبوه"، وأدفع بعيدا أي فكرة عميقة. أخرج كل الكتب من الغرفة، وأقرأ كتابا لا يقول أي شيء.  أقلل من الفيس بوك والتمبلر وتويتر، وأتوقف عن تصفح ايميلي وعن مراقبة عداد زوّار المدونة. أشرب ينسونا، وخمس سيجارات، عوضا عن القهوة وعلبة السجائر الكاملة. وأستقبل الجامعة بـ "الليلة الكبيرة"، بدلا من الأغاني الثقيلة. وبشكل عام، لا أفكّر في أحلامي المضطربة، ولا أشغل بالي بحالتي النفسية السيئة. أقول لنفسي: "فاكس"، وأنصرف إلى شأن آخر.


احتياجي لأجازة نابع من إيمان قوي أن هناك سقطة قوية قادمة. ووغلاوة الإسباني عندي، هذا ليس تشاؤما على الإطلاق. ولكنّي أعرف أن هناك الكثير من الأمور العالقة، هناك أسئلة تحتاج إلى جلسات علاج ذاتي طويلة، وحدث لي الكثير الذي لم أعذب نفسي بالتفكير فيه بعد. الكثير من الهزائم والخسارات، الكثير من الإدراكات المقلقة والمؤلمة، علاقات جديدة، وعلاقات تتجدد، وعلاقات تتنتهي. أنا لم أستوعب كل هذا. وأحتاج، فعلا، قبل السقوط في دوامة جديدة أن أعطي نفسي أجازة قصيرة، أستريح قليلا من عناء الدوامات السابقة، وأدخل إلى قلب الدوامة الجديدة بروح رياضية.

لذلك، أنا في أجازة نفسية حتّى أوّل أيّام العيد. "هتنطط" هذه الأيّام ما قُدّر لي من التنطيط، وأنجز كل ما يمكن انجازه من أشياء عديمة المعنى. كنت أتمنى لو أستطيع إطالة الأجازة عن هذا، ولكن العيد هو المكافيء الموضوعي للوحدة والاغتراب، وبالتالي يتطلّب سقوطا داخل الذات. ولكن عملا بنصيحة جدتّي: "الطمع، يقل ما جمع"، سأكتفي بهذه الأجازة، ونراكم على خير.


عيد سعيد :)

2 comments:

  1. ولكن العيد هو المكافيء الموضوعي للوحدة والاغتراب

    ReplyDelete
  2. عيد سعيد عليكي بإذن الله
    :)

    ReplyDelete