Thursday, January 12, 2012

وينقُصُني السؤالُ، فمن سأسألُ عن عبور النهر؟

الموتُ خيانة وهذا واضح، والحزن مخادع، يقول أنّه رحل ولكنّه يُضبَط مختبئا في ميدالية قديمة أو نغمات مفاجئة أو في وجه الأم. الأدب مرهق، والحب ألطف كثيرا من كتابة نص والبحث عن أشخاص يحملون في أيديهم كتبا ليقرأوه. وكتابة التدوينات أسهل من البحث عن فاتحة وحبكة وتطوّر درامي وأبطال لقصّة لن تكون أبدا بواقعية التدوينة العفوية المكتوبة بالضمير الأوّل. اللعنة على باقي الضمائر. الوساوس مهيجة، ومهتاجة طوال الوقت. واكتشاف عبثية كل ما يحدث رفيق دائم، في حين أن لمعة العينين تبدو مبهجة لكنّها في واقع الأمر مخيفة. الليل قاسي، والوحدة فارغة تفكّر دائما كيف تملأ نفسها، فتختار الطرق الملتوية. القراءة مثيرة والموسيقى موحية، ولكن في آخر الليل يصيبهما الفقر فيبدأون معزوفة التكرار. البرد مهين، والعجز عن التأقلم مع إهانته مهين أكثر. العائلة وهم موروث، وديْن لم يستدنه أحد لكن يجب ردّه. الأصدقاء طيبون، ولكن نفوسهم تخفي أشياء محسوسة ولن يقولها أحد. الحروف مغازلة والكلمات تستدرج والأفكار تطفو في لحظة واحدة ثم تغطس بعيدا. الشعر يفتح ذراعيه دائما ويغلقهما قبل التلاقي، والسجائر يمرر طعمها اللسان وتترك رائحة في أصابع اليد ولكنّها تمرر غضبا مكتوما. النقود ذرات متطايرة، والبشر مولعون بعد الذرات. سائقو التاكسيّات ثرثارون وأغبياء وسائقو الميكروباصات قليلو الكلام وأكثر غباء. العيون تفضح دائما، ولكن الكلام لا غنى عنه. والادعاء حاضر دائما نيابة عن تصريح مرهوب. الذات العليا عبث لا طائل منه، وتنزيلاتها عبث لا طائل منه، والداعون المؤمنون يؤمنون بعبث لا طائل منه. والأكيد، أن لا شيء أكيد. السياسة سلاسل مغلقة على ذاتها تفضي إلى جحيم دوائر لا تنتهي. وكل شيء سيتغيّر، فلا داعي للنظر تحت الأقدام. وكل شيء مبهم، فلا داعي للنظر للأمام. لا داعي للنظر أصلا.

وقد قال محمود درويش معلقا:
كُلُّ شيء باطلٌ ، فاغنَمْ
حياتَكَ مثلما هِيَ برهةً

وسينتهي كل شيء في يوم، وأنا، وحدي، سأبقى.

----------------
* العنوان لدرويش كذلك.

2 comments:

  1. المنطق مدمر و أحياناً علينا غض الطرف عنه .. كما أن علينا في أعماقنا أن نتعلق به

    ReplyDelete
  2. العيون تفضح دائما، ولكن الكلام لا غنى عنه"..مؤمنة بالقول ".

    ReplyDelete