Wednesday, August 3, 2011

كحل أسود

انكببتُ على العمل الذي أنجزه من البيت بشراهة. كان الضيق يملأ صدري فقررت أن أقتل إحساسي تماما. عملتُ كالحمار. كتبتُ ألف كلمة من الألف وخمسمائة المطلوبة وقررتُ أن آخذ استراحة. أخذتُ جولة في الغرفة فاكتشفتُ قلم الكحل الجديد، هديّة صديقتي التّي لا أحبّها. أخذته لأجربّه.

أمام المرآة:
عينيّ واسعتان. بارزتان للخارج. كحلتهما من الداخل. ثم استغرقتُ في النظر لهما. أغوص. أخذتُ القلم مرّة أخرى وأضفتُ خطّا سميكا تحتهما. أعجبني. لونت الجفن بالكامل. أعجبني أكثر. تأملتُهما. ثم لونت المنطقة بين الحاجب والعين. وثخنت حاجبي جدّا. تذكرتُ أن زميلتي التي تشاركني السكن بالخارج فذهبتُ لأغسله. رنّ الهاتف قبل أن أنتهي. خرجت من الحمّام وقد ساح الكحل على وجهي كلّه وإن بقى السواد حول عيني. جففته سريعا بمنديل. قطرات الماء المتبقيّة كانت كالعرق. استقبلتُ المكالمة المستفزّة. وأغلقتُ في وجه المتصل. في طريق عودتي إلى الحمام كنتُ أكلّم نفسي بغضب وأسبّ بألفاظ بذيئة وأنا مغمضة عيني. ذُعرتُ على هزّة من يد زميلتي. وجدت الهلع على وجهها: "مالك؟" رددتُ بغضب: "تحولّتُ لعبادة الشيطان." قالت ببساطة مخلّة: "بس احنا في رمضان والشياطين متسلسلة". أخبرتها أن هذا بالذات هو السبب الرئيسي. لأنّه سيكون مشغولا بفك سلاسله وأصيع أنا براحتي. نظرت لي البنت في بلاهة. قررت أن أمارس اللعبة لآخرها فأدرت موسيقى ثقيلة وارتديتُ ملابس سوداء وأطلقت شعري بلا رابط. وأمضيت اليوم كلّه كلما تكلمت معها تكلمت بصوت غليظ. سألتني في الليل قبل أن ننام: "لمّا رمضان يخلص، هتعملي ايه؟" صدمتني. لم أجد ردّا حاضرا في ذهني. فكرتُ قليلا ثم قلتُ:"هغسل الكحل". هزّت رأسها في تفهم ونامت. ونمتُ أنا الأخرى. في الحلم جاءتني وحوش حول عيونها أسود جدّا وحواجبها ثقيلة، تسبُني بألفاظ بذيئة وتلتهم مخي.

1 comment: