Thursday, April 5, 2012

ذكْر ما جرى

لففتُ الله في سيجارة، دخنتها في أوقات الملل والانتظار. ثم غيّرت نوع سجائري لمّا وضعوا عليها الصور القبيحة. وحين قال لي المتشككون، أن تغييري لنوع السجائر ليس أصيلا؛ جاء بدافع الملل وقبح الصورة وأنني سأعود لاحقًا، لم أرد. وكنتُ أعرف يقينًا أنني لن أعود. أدركت مساوئها وعدم أصالتها هي نفسها حين ابتعدتُ بما يكفي لأرى. أمّا الحُب، فجعلت الطريق إليه اتجاهين، يأتيني وأذهب إليه، ولكنّي أبدا لم أُعَبده؛ أخذته على عثراته، ولم أفكر في تغيير الوسيلة. أتيتُ بمقاهي وسط البلد إلى غرفتي، وطردت عائلتي إلى المسجد المجاور. واكتفيتُ من الذكريات بالعناوين والمخلفات النفسيّة، واعتبرتُ أن الماضي مضى، وأن الحاضر حاضر؛ فلا داعي للحنين. لعبتُ البراجماتية ببراعة، واكتفيتُ من الوطن بجنسيته وأحبائي. بكيتُ في كل مرّة أنكرتُ فيها عاطفيتي، وكذبتُ كل مرّة اعترفتُ بها. وقلت للدراما: لا تتبعيني، فسارت بجانبي، ينظر كلٌ منّا للآخر بطرف عينه، ولا يتمعّن. فرقتُ بهجتي بين القبائل، ولم أحفظ لنفسي منها شيئا. وادعيتُ دائما أنني متصالحة، ثم وسمتُ العالم بالقسوة، والحياة بالصلادة. قطرّت أمّي في زجاجة، تنكسر دائما، وأحاول جبرها. ثم في النهاية، حولّت نفسي لمرآة؛ تبرق، ولا تشف.

3 comments:

  1. الأدب مش بالعافية

    ReplyDelete
  2. على فكرة الأدب عافية بيبقى حلو :D

    ReplyDelete
  3. من الكتابات ما ينعش الروح فجأة!
    كأن الكلمات كلها مكتوبة في دواخلنا .. وأنتِ فقط تستثيريها، أو تداعبي مكامنها فتثور .. وتنطلق
    .
    أعتبرت أن الماضي ماضي والحاضر حاضر، فلا داعي للحنين، اكتفيت من الوطن بجنسيته وأحبائي ...
    .
    شكرًا سيمة

    كتابتك تنضج على نار هادئة

    ReplyDelete