Tuesday, December 13, 2011

إقرار حالة

أعيش عوالم تتداخل مع بعضها بشكل يفقدني القدرة على التركيز في أيّ منهم. مثلا، بالأمس في محاضرة التاسعة صباحا. كنتُ أعيش عالم المحاضرة الممل، أشعر بالطلبة الجالسين حولي، أرى الدكتورة الإسبانية وأسمعها تتحدث وأرد عليها. في نفس الوقت، كنت ما زلتُ أعيش حالة الموسيقى التي كنتُ أستمع إليها قبل المحاضرة؛ لا زلت أفكّر في الجارية التي اشتراها السلطان، وداب قلبه المخدوع في عينيها، وضيّع ملكه وعمره عليها، أعيش عالمها، وأتخيّل ألوان حياتهما، وأدندن اللحن في طبقة من طبقات مخي. الزكام والصداع ورغبتي في سيجارة وفنجان قهوة شكلّوا عالم آخر. في حين أن الطبقة الأهم من طبقات مخي كانت تفكّر في الولد الذي سافر، وتعيد ترتيب الأمر للمرّة الألف. أفكّر في الميكروباص، أفكّر في من سألتقي بهم بعد المحاضرات، في الثورة، في الكتابة، وفي الحب.

الآن، أجلس على الكرسي أمام الكمبيوتر، أشعر بالبرد وبالرغبة في سيجارة، أشعر أنني منفصلة تماما عن كل شيء. الأمر تطوّر من الأمس إلى اليوم، التشتت ذهب لصالح اللا شيء. أنا لا أفكر في شيء الآن. لا أحمل هموما، ولا أريد أن أفعل. ذهني الخالي من العوالم المتداخلة المشتِتة يترك براحا لإدراكات أبسط وأهدأ. مثلا: أنا أحب أصدقائي. مثلا: أنا أحب الولد الذي سافر السعودية. ومثلا: أنا لن أهتم بأشياء كثيرة كنت أهتم بها من قبل. عموما: أنا هادئة وأكثر قدرة على الاستيعاب. رغم أن العوالم تتداخل دائما، ورغم أن الولد في السعودية، وأن أمّي تتشاجر معي لأنني لا أصلي. الحياة حلوة هذه الأيام، وأعتقد أنّها ستستمر هكذا لفترة.